بسبب الأزمة الاقتصادية.. تكاليف الوفد الضخم المرافق لماكرون بالمغرب وحضور متّهم بجرائم جنائية بصفة "غير رسمية" تفجّر جدلا في باريس

 بسبب الأزمة الاقتصادية.. تكاليف الوفد الضخم المرافق لماكرون بالمغرب وحضور متّهم بجرائم جنائية بصفة "غير رسمية" تفجّر جدلا في باريس
الصحيفة - خولة اجعيفري 
الأربعاء 30 أكتوبر 2024 - 15:07

تنتهي زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب اليوم، غير أن صداها لا يزال يتردد بقوة في أروقة السياسة وصالونات الإعلام في كلا البلدين، إذ تحظى تفاصيل هذه الزيارة بتمحيص دقيق خاصة وقد سافر مع ماكرون وفد ضمّ 122 شخصية ضمن القائمة الرسمية، فضلاً عن ضيوف آخرين لم يُعلن عن أسمائهم مسبقاً، لكنهم رافقوا الرئيس إلى المملكة.

وبينما تتجه الأنظار إلى الاتفاقيات والعقود التي وُقعت خلال هذه الزيارة، تُطرح تساؤلات في باريس حول دوافع هذا الحشد الكبير ومدى انعكاساته على خزينة الدولة الفرنسية، التي تعاني أصلاً من ضغوط مالية تستوجب سياسة صارمة لترشيد النفقات، وفق ما نقلته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، التي طرحت سؤالا عريضا حول "لماذا يرافق الرئيس هذا العدد الكبير من الشخصيات خلال زيارته الرسمية، التي تأتي بعد ثلاث سنوات من التوتر بين البلدين".

وأشار المصدر ذاته، إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حل منذ الاثنين الماضي بالمغرب بهدف إعادة الدفء إلى العلاقات "وتحسين العلاقات مع الملك محمد السادس"، وفق تعبير الصحيفة الفرنسية التي أبرزت أن آخر زيارة له إلى المملكة كانت في عام 2018، حيث قضى الرئيس الفرنسي بضع ساعات فقط لإطلاق خط القطار السريع "البُراق" بين طنجة والرباط، لكن هذه المرة، وبالنظر للمتغيرات الديبلوماسية أراد ماكرون إعطاء الزيارة طابعاً خاصاً بمرافقة وفد كبير يتألف من 122 مدعوًا.

 ونقلت "لوفيغارو" الفرنسية، عن أرنو بينيديتي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس تحرير مجلة "السياسة والبرلمان"، قوله إنه من المعتاد أن يصطحب رئيس الدولة شخصيات من مجالات متنوعة خلال زياراته الرسمية، إذ يحب الرئيس التجوّل بصحبة حاشيته"، مشيرا إلى أنه ورغم أن عدد المدعوين يبدو كبيراً، "إلا أن ماكرون ليس أول رئيس فرنسي يشكل وفداً طويلاً من الضيوف، ففرانسوا ميتران كان معتاداً على السفر بوفود ضخمة".

ومن بين المدعوين الذين رافقوا الرئيس الفرنسي ماكرون إلى المغرب، يوجد عدد من الوزراء مثل برونو روتايو وزير الداخلية، وجان-نويل بارتو وزير الخارجية، وسيباستيان لوكورنو وزير الدفاع، وأنتوان أرمون وزير الاقتصاد، بالإضافة إلى رشيدة داتي وزيرة الثقافة، كما تشمل القائمة نواباً وبرلمانيين سابقين، فيما انضم إلى الوفد أيضاً مديرون ومسؤولون كبار، مثل أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو، وباتريك مارتن رئيس "MEDEF" اتحاد أرباب العمل الفرنسي.

وإلى جانب هؤلاء تضم البعثة الفرنسية التي حلت بالمملكة، شخصيات من القطاع الاقتصادي والصناعي، مثل فريديريك أرنو، نجل الملياردير برنار أرنو والرئيس التنفيذي لقسم الساعات في مجموعة LVMH، وهيرفي ديري رئيس مجلس إدارة مجموعة "تاليس"، وكاثرين ماكغريغور المديرة العامة لشركة "إنجي"، وهنري بوبار لافارج رئيس مجلس إدارة "ألستوم".

وبحسب الخبير الفرنسي في الشؤون السياسية، وجود هذه الشخصيات ساهم في تسهيل توقيع العقود، إذ أبرم البلدان بالفعل عدة عقود واتفاقيات استثمارية بقيمة تصل إلى عشرة مليارات أورو، بحسب ما أعلنته الرئاسة الفرنسية.

ومن بين هذه الاتفاقيات، وقعّت شركة "ألستوم" عقداً للمشاركة في بناء الجزء الثاني من خط القطار السريع بين القنيطرة ومراكش، كما أبرمت شركة "توتال إينرجي" الفرنسية واحدة من أكبر الصفقات لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب.

ويرافق ماكرون أيضاً خمسون شخصية من عالم الثقافة، الرياضة، الفكر، العلوم، والعمل الجمعوي، "عادةً ما يتم اختيارهم بناءً على علاقتهم الشخصية بالمغرب، لكنهم موجودون أيضاً لتعزيز النفوذ الفرنسي والمساهمة في ما يُعرف بالقوة الناعمة"، يوضح بينيديتي.

من بين هؤلاء الشخصيات، نجد الفنانين جيرارد دارمون وجمال الدبوز، وجاك لانغ رئيس معهد العالم العربي، بالإضافة إلى الكاتب والصحافي بيير أسولين المولود في الدار البيضاء، والكاتبة ليلى سليماني، كما يحضر المخرج إريك توليدانو الذي بدأ والده مسيرته المهنية في الإدارة المغربية، والمغنية أرييل دومباسل وزوجها الكاتب برنار هنري ليفي، وهما من عشاق المغرب ويملكان قصرًا فخمًا في مراكش بالقرب من القصر الملكي.

ومع ذلك، يعتبر بينيديتي أن "هذه الاستراتيجية التي اعتمدها ماكرون قد تكون سلاحاً ذو حدين"، فدعوته لهذا العدد الكبير من المدعوين الذين تتحمل نفقاتهم الأموال العامة أو خزينة الدولة يمكن أن تُقابل بانتقادات داخل فرنسا، وقد يتساءل المواطنون عن جدوى وجود هذا العدد من الشخصيات في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد وحاجة الحكومة إلى تقليص الإنفاق"، يضيف بينيديتي، موردا أن كل هذا يأتي في سياق تراجع شعبية الرئيس ماكرون، ما يجعل الرحلة فرصة له لتعزيز حضوره الدولي، ومع ذلك، قد تثير هذه الاستراتيجية جدلاً وسجالات داخلية.

ويرى الخبير أنه حتى اختيار الشخصيات المرافقة قد ينقلب على ماكرون، سيّما وقد أثارت مشاركة الفنان ياسين بيلاتر، الكوميدي الفرنسي-المغربي، جدلاً واسعاً في الأوساط الفرنسية إذ يُعتبر من المؤيدين المعروفين لماكرون منذ 2017، لكنه متهم بـ "التساهل" مع الإسلاميين وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ عام 2023 بتهم تهديدات بالقتل وجرائم استهدفت شخصيات من عالم الفن.

ووجود هذه الشخصية حسب المحلل السياسي، لم يُعلن عنها في القائمة الرسمية الأولى الصادرة عن قصر الإليزيه، ما يدل على أن ماكرون كان واعياً بتداعيات دعوته، حسب بينيديتي، الذي يصف هذه الخطوة بأنها "خطأ في استراتيجية التواصل" للرئيس، "فصورته كانت بالفعل مشوهة، وهذه القضية لا تخدمه، بل ترسل رسالة سلبية إلى الرأي العام".

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...